الثلاثاء، 13 يوليو 2010

آلة الاستنساخ النهائية


   لا تتفاوت الأمم في امتلاك المعرفة فقط ، بل وفي امتلاك القدرة على تطبيق المعرفة كمنتجات صناعية وتجارية .. فأي مدرس فيزياء مثلا يعرف المبدأ الأساسي لعمل الصاروخ، وأنا شخصيا اعرف كيف يعمل المفاعل الذري، وشقيقي الصغير بنى طائرة خشبية لا تختلف في مبدأها الأساسي عن البوينج 747

ولكن أن تعلم .. شيء .. وأن تصنع .... شيء آخر !

فمن الملاحظ أن التقدم المادي الذي ميز هذا العصر لم يكن بسبب طفرة المعرفة أو وفرة المعلومات (فطفرات المعرفة ظهرت في مختلف الحضارات) بل بسبب بزوغ روح صناعية جديدة (في بريطانيا القرن الثامن عشر) عملت على تطبيق وتصنيع المعرفة ثم بيعها كمنتجات استهلاكية للناس ..

وتطبيق المعرفة بهذا الشكل كان البداية لظهور المصانع بشكلها المعروف اليوم . فبعد أن كانت كل أسرة تصنع ما تحتاجه من أساسيات (كالفرش والملابس والصابون) وبعد أن كان معظم البشر يعملون في الزراعة والرعي وتجارة المواد الخام؛ تغير الوضع بظهور مصانع الإنتاج الموسع وظهور طبقة جديدة من العمال والحرفيين المهرة...

على أي حال هذه المقدمة كان لابد منها استعدادا لطرح السؤال التالي:

ما هي الخطوة التالية لظهور مصانع الإنتاج الموسع ؟

بمعنى ، إلى متى ستستمر المصانع الضخمة بشكلها الحالي قبل أن ينتقل البشر لاسلوب جديد في تطبيق معارفهم وتصنيع متطلباتهم وحاجاتهم الاستهلاكية !؟

... لمعرفة الخطوة النوعية التالية (في التصنيع) يجب أن ننتقل ثلاثة قرون الى الأمام .. إلى اليوم الذي تختفي فيه المصانع الحالية بشكلها الشامل لصالح آلة استنساخ منزلية تلبي حاجات كل فرد على حدة!!

ومن حيث المبدأ ستتكون آلة كهذه من ثلاثة أجزاء رئيسية :

الأول كمبيوتر يلقمها مواصفات وتفاصيل المنتج المراد تصنيعه ..

والثاني "مخزن" لمواد التصنيع الأولية الخام ..

والثالث "رشاش" ذري يرسب الذرات المعدنية بصورة المنتج المرغوب...

واقرب شبيه لهذه الآلة ماكينة النسخ الفوري التي نلقمها بالورقة الأصلية من جهة فتخرج لنا النسخة المطلوبة (من الجهة الأخرى) بواسطة ترسيب ذرات الحبر بشكل حروف وكلمات !!

ومع اعترافنا بان آلة كهذه قد لا يتم تنفيذها بشكل كامل قبل 300 عام إلا أن فكرتها الأساسية مفهومة منذ وقت طويل ..

فقبل مائتي عام مثلا تم التحكم بعمليات نسج القطن بواسطة شريط معلومات مثقب كان يوجه نول النسج لانجاز مهمته بترتيب منطقي محكم . وفي عام 1951 وضع عالم الرياضيات الشهير جون نيومان مبدأ الآلة التي تصنع أي نوع من الآلات حتى نسخاً من نفسها .. وفي هذه الأيام وصلنا إلى التصنيع الفعلي لبعض الدوائر الالكترونية بواسطة الترسيب المجهري للذرات فيما يعرف بتقنية "الميكرو الكترونكس"..

أما الوصول إلى تصنيع أشياء اكبر وأكثر تعقيدا (كتلفزيون البلازما أو كمبيوتر محمول أو حتى عصارة الجزر) فستكون النهاية الطبيعية للمصانع الحالية.. وسيساهم الحجم المعتدل لهذه الآلة في دخولها كل بيت الأمر الذي يتيح لكل فرد امتلاك ما يريد في أي وقت يشاء (ولك أن تتخيل وضع مواصفات السلعة أو الجهاز الذي تريده فيخرج لك من غرفة الترسيب الذري كمنتج حقيقي) !!

وفي حال تمكنت آلة الاستنساخ هذه (من استنساخ نفسها) فستكون هذه بحق البداية الفعلية لمجتمع "الرخاء الفاحش والوفرة اللانهائية" !!

... وكن على ثقة أن كل مايمكن تخيله يميل الواقع لتحقيقه ... طال الزمان أم قصر ...

Related Articles :


Stumble
Delicious
Technorati
Twitter
Facebook

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Search Engine Optimization Articles

فيديو

أحدث التعليقات

الأكثر إرسالا

 

√ حول العالم ♣ Copyright © 2010 is Designed by Lasantha

Mesothelioma Cancer